أوصى خبراء ومختصون في الندوة الرابعة من "حواريات ميديولوجيا" التي نظمتها كلية الإعلام الحديث في الجامعة العربية الأمريكية بضرورة العمل على إنشاء مرصد متخصص برصد ومراقبة والتدقيق في الدعاية الانتخابية في البيئة الرقمية.
وحملت الندوة التي بثت على تطبيق زوم، ونقلت عبر صفحة الجامعة على الفيسبوك عنوان: "ماذا تخبئ شبكات التواصل الاجتماعي للانتخابات الفلسطينية؟" وتحاور فيها الأستاذ محمد أبو الحوف المدرب والمستشار في التسويق الرقمي، والأستاذ صلاح أبو الحسن المحاضر الجامعي في الإعلام ومدير البرامج في راديو علم في جامعة الخليل، والأستاذ عماد الأصفر من مركز تطوير الإعلام، والدكتور عمر أبو عرقوب من الجامعة العربية الأمريكية، والأستاذ سليمان بشارات من مدير مركز يبوس للدراسات والاستشارات.
ادار اللقاء أستاذ الإعلام الرقمي في الجامعة سعيد أبو معلا الذي بدأ حديثه مرحبا بالخبراء والضيوف، واكد على أن هناك أدوار كبيرة أصبحت تلعبها شبكات التواصل الاجتماعي في الانتخابات على مستوى محلي وعالمي.
وتابع: "هناك كمية هائلة من الانتقادات التي تلقاها فيس بوك وغيره من الشبكات الاجتماعية، حيث هناك مزيد من عملية الاستثمار والاستغلال لهذه المنصات من وجهات رسمية، ومرشحين ومموليهم، وبين جهات خارجية لها مصالح معينة في التأثير على نتائج الانتخابات".
وأضاف أبو معلا: "قائمة الموضوعات التي ترتبط بهذه الشبكات والانتخابات متعددة وأبرزها: الأخبار المضللة، والدعاية السوداء، وعمليات القمع الرقمي، وبروز ظاهرة اللجان الكترونية، والتنمر الالكتروني، وتنامي عمليات الاختراق، والحشد والتعبئة، والتدخلات الأجنبية، بالإضافة إلى تنامي خطابات الكراهية... كل هذه أمور تجرى في هذا العالم الرقمي.. وبالتالي الاهتمام بقراءة ودراسة بيئة الانتخابات رقميا والكترونيا أصبح واجب الوقت لكونه يؤثر على العملية الانتخابية برمتها".
أبو الحوف: المنصات توجه تفكيرنا!
استهل الحديث المدرب والخبير في التسويق الرقمي محمد أبو الحوف معتبرا أن كنز فيس بوك الأساسي هو البيانات، أي أن بيانات الجمهور المتواجدة على منصاتها سواء على فيسبوك أو إنستغرام, أو التطبيقات الأخرى، وهذه البيانات تقدم معلومات واهتمامات ومشاعر وتوجهات لا حصر لها عن المستخدم، وهو أمر غاية في الأهمية في العملية الانتخابية.
وأضاف أبو الحوف: "على سبيل المثال من المعلومات الصادمة أن فيسبوك تعرف عنا ما يقارب 5000 نوع من البيانات, يتم تجميعها وتحليل الشخص من خلال سلوكياته واهتماماته والكثير من التفاصيل الأخرى, ويتم دراستها لمعرفة اهتماماته وشخصيته والمحتوى الذي يفضله، وهو أمر يصل إلى توجيه الأشخاص بشكل جماعي مثل ترويج المشاعر السلبية في المجتمع".
وأضاف التحدي الجديد مرتبط بموضوع أما فيما يتعلق بمفهوم "قيادة الأفكار" حيث يتم توجيه الأفكار, فلو فكر أحد الأشخاص بشخص آخر, بعد أقل من دقيقتين تظهر لك صورته أو حتى منشوره لهذا الشخص، وهذا ليس بمحض الصدفة، توجيه الأفكار بناء على تأثير غير مباشر، لتفكر بطريقة ما وتتفاعل معها، وهنا تظهر الخطورة الشديدة لهذه المنصات، حيث يمكن أن يتم استغلال ذلك في الانتخابات.
وتناول أبو الحوف ظاهرة انتشار الأخبار الكاذبة, وتأثيرها على الناس، وخاصة كبار السن حيث تتشكل لديهم قناعات من أخبار غير دقيقة ومصادر غير موثوقة، وهذا أمر ليس ببعيد عن موضوع الانتخابات.
أبو الحسن: حذاري من خطابات الكراهية
وتطرق الأستاذ صلاح أبو الحسن/ محاضر جامعي في الإعلام، ومدير راديو علم في جامعة الخليل إلى أبرز سمات مواقع التواصل الاجتماعي ومنها رخص التكلفة بالمقارنة مع الوسائل التقليدية الأخرى، وهي أفضل في ظل جائحة كورونا حيث تمنع اللقاءات العامة الضخمة، وهي تمنح مؤشرات على النجاح والإخفاق، وفيها مستوى كبير من حرية التعبير لكونها تعمل كمنبر للمناظرة حول الانتخابات، وتضمن الهروب من الرقابة الحكومية، والفعالية والسرعة في تنفيذ الحملات.
وتابع أبو الحسن أن المنصات الرقمية ستلعب دورا كبيرا بسبب وجود الدور الرقابي لهذه المنصات، حيث يمكن أن تنشط مجموعات مراقبة الانتخابات لجمع ونشر المعلومات حول التجاوزات الانتخابية، وعمليات عد الأصوات السريعة. وتابع: تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين سلوك المرشحين وتحسين التفاعل بين المرشح والناخب. كما أن المنصات تمنح الصحافة التقليدية أفضلية في إنتاج التحقيقات عن العملية الانتخابية بفضل ما تتيحه هذه المنصات من معلومات ومعطيات وشهادات.
كما نوه أبو الحسن أن المنصات الاجتماعية يمكن أن تقوم بدور في الرقابة القبلية والبعدية بحيث تراقب البرامج الانتخابية لمن فاز في الانتخابات، كما يمكن أن تتوقع النتائج، وقبل ذلك يمكن أن تؤثر على نسب المشاركة كونها تلعب دورا كبير بصفتها مُثقِّف للجمهور،
ونوهة إلى أن خطورة المنصات في فترة الانتخابات تتمثل في أنه يمكن أن تتحول إلى مرتعا لخطاب الكراهية، وهذا أمر يتعزز فلسطينيا في ظل الانقسام السياسي. محذرا من وجود مخاطر تتمثل في في انتشار ظاهرة الجيوش الالكترونية (الذباب الالكتروني)، وتنامي ظاهرة شراء "اللايكات" لصناعة التأييد المزيف (تاثير رأي الأغلبية)، وتزايد الاستطلاعات المزورة التي لا يمكن التأكد من صحتها.
عماد الأصفر: حلول في متناول اليد
استعرض الأستاذ عماد الأصفر في مداخلته واقع الانتخابات وشبكات التواصل الاجتماعي وتوقف أمام سؤال الحلول في ضوء أن هناك مخاوف كثيرة من الاستخدام السيئ للشبكات والذي سيقود إلى صراعات ومعارك أهلية بين المترشحين. وفيما يخص الحلول فقد أقترح الأصفر ضرورة وجود مواثيق شرف بين الكتل الانتخابية، ويجب ملاحقة مطلقي الشائعات ومحاسبتهم، الإسراع في نشر الأخبار الصادقة بأكبر قدر من الوضوح والشفافية لان تأخر الخبر او غموضه يفتح الباب للشائعة.
كما طالب الأصفر بضرورة أن تعلن كل قائمة عن عنوان موقعها الالكتروني الرسمي وان تلتزم به وحده وترفع الغطاء عن بقية المواقع التي تحمل اسمها بل وتطالب بحجبها. وأوصى بضرورة تنشيط مراصد التحقق الإعلامي من دقة ومصداقية الأخبار وزيادة عدد هذه المراصد، والمساهمة في الترويج لها وإعادة نشر محتواها. تعميم وسائل وآليات وتطبيقات التحقق من مصداقية الأخبار والصور والفيديوهات والحسابات.
وتابع أنه فيما لو طبق كل ذلك بمنتهى الكفاءة لن يكون قادرا على وقف الشائعات والأخبار الكاذبة والمختلقة والمزيفة والمضللة، فقد تنطلق الاشاعات من حسابات وهمية، وقد يكون مصدرها جهات معادية لفلسطين برمتها، وقد تصدر من وراء الحدود، وقد لا تنتشر من خلال الفيسبوك والتويتر وانما من خلال مجموعات الواتس أب.. وهو ما يجعل من الرهان الأكيد والحصن المنيع هو المتلقي نفسه، يجب ان يستحضر في ذهنه دائما اشارتي الاستفهام والتمهل، وان يحكم عقله وضميره.
أبو عرقوب: المنصات عامل إيجابي
بدور رأي الدكتور عمر أبو عرقوب أن وجود السوشل ميديا في الانتخابات القادمة سيعمل على خلق تغير ايجابي كبير للغاية، فغالبية الدراسات التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا تشير تأثير السوشل ميديا الايجابي على الانتخابات، فهي تعمل على التأثير في الجمهور لانتخاب حزب معين، وتقوم بكسر الحواجز بين المرشح والجمهور.
وأضاف أبو عرقوب بأن مهمة السوشل ميديا بالأساس هي كسر حاجر حارس البوابة، فأصبحت العملية الاتصالية المرتبطة بالسلوك الانتخابي أسهل وأسلس عن طريق متابعة صفحات المرشحين والتواصل معهم بالرسائل أو بلقاء عبر تطبيق زوم، أو بالبحث على توتير ومشاهدة العناصر التي يقوم بنشرها والمصطلحات المستخدمة وهذا كله عمل على تقارب المسافة بين الافراد والمرشحين.
وتابع: "جزء كبير من السياسيين الفلسطينين ليس لديهم القدرة في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يولد تحديا جديدا لمن يريد المشاركة في الانتخابات بأن يكون لديه القدرة والامكانية للتعامل مع مثل هذه الوسائل.
وأضاف عرقوب بأن أهمية السوشل ميديا تتمحور في استهدافها لقطاع الشباب وهذه الفئة تحديداً هي المحرك للعملية الانتخابية، وأن فكرة تطبيق (Clubhouse) المنتشرة مؤخراً جعلت السياسيين يستغلون وجود هذه التطبيقات لطرح ومناقشة المواضيع الخاصة بالانتخابات.
واقترح في النهاية بأن يكون هناك دائرة في لجنة الانتخابات المركزية مختصة في موضوع السياسة والدعاية الرقمية.
بشارات: غياب الثقة بالمنصات
الباحث سليمان بشارات مدير مركز يبوس للدراسات والاستشارات قال أن ما يميز هذه الانتخابات غير أنها تأت بعد 15 عاما من الغياب هو أنها تأت في ظل انتشار كامل لشبكات التواصل الاجتماعي وحضور طاغي في حياتنا وهو ما يجعل من تأثيرها كبيرا للغاية. معتبرا أن هذه التجربة يجب ان تشكل ميدانا مهما للباحثين الجدد في الإعلام الجديد.
وذكر بشارات أن تجربة الانقسام وما تبعها من سلوك احترابي في العمل الدعائي والتنافس بين الفصائل يترك أثرا كبيرا على استخدام شبكات التواصل في الانتخابات الحالية في ظل أن المجتمع الفلسطيني مؤطر ومؤدلج بدرجة كبيرة.
وختم بشارات حديثة مؤكد أن هناك ضعف أو غياب الثقة، غياب ثقة الشباب في الأحزاب السياسية، وغياب الثقة في التجربة الديمقراطية الجديدة، وغياب في ثقة الشباب في المنصات الاجتماعية، حيث راكموا تجربة سلبية في استخدامهم للمنصات حيث غلب عليها أنها سخرت بطريقة قامعة لأصواتهم، وبالتالي السؤال المهم: من يضمن أو يمنح الشباب الثقة كي يستخدموا المنصات للتعبير السياسي الحر بدون قيد أو شرط أو خوف؟