استضاف مركز السياسات ودراسات حل الصراع بالجامعة العربية الأمريكية في رام الله وعبر منصة زووم الالكترونية المفكر والمؤرخ الفلسطيني المعروف البروفسور رشيد الخالدي الذي يشغل حالياً كرسي إدوارد سعيد في جامعة كولومبيا في ندوة لإطلاق كتابة الجديد "حرب المائة عام على فلسطين: تاريخ استعمار المستوطنين ومقاومتهم، 1917–2017 ".
حيث افتتحت مديرة المركز الأستاذة رولا شهوان الندوة بالترحيب بالضيف والحضور، مشيرة الى أهمية عقد مثل هذه الندوات الحوارية والأكاديمية، لدورها في اثراء المعرفة بكل أنواعها لطلبة الجامعة العربية الأمريكية خاصة، وطلبة فلسطينيين بشكل عام .
وأدارت الحوار الدكتورة ناهد حبيب الله أستاذة العلوم الاجتماعية وعضو هيئة التدريس في كلية الدراسات العليا بالجامعة العربية الأمريكية.
وخلال الندوة تحدث الخالدي عن كتابه، مؤكداً خصوصية هذا الكتاب بالنسبة له لكونه استخدم منهجية سردية تاريخية مختلفة عن باقي مؤلفاته التي تناولت القضية الفلسطينية، واكد انه وجه الكتاب للجمهور الأمريكي والغربي في محاولة لكسب موقفهم لصالح القضية الفلسطينية واظهار زيف الرواية الصهيونية المسيطرة في تلك المجتمعات.
وأوضح ان الصراع ليس بين قوميتين او شعبين مختلفين ولكن هي هجمة موجهة من أكبر القوى المهيمنة في العالم على فلسطين، كما استعرض في كتابة تجارب شخصية لأفراد عائلته وأصدقائه، معتبراً ذلك اطارا ومنهجاً جديداً للقارئ الأمريكي بشكل خاص.
وفي اجابته على الأسئلة المطروحة من قبل الدكتورة حبيب الله، قال الخالدي:"ان عنوان الكتاب لم يكن من محض الصدفة وانما جاء للتأكيد على ان ما تتعرض له فلسطين هو حرب وليس صراعاً بين قوميتين حسب الرواية السائدة في الغرب والتي تروج لها الحركات الصهيونية، بالإضافة الى ان الكتاب وعلى مدى فصلين كاملين عالج الحرب الإسرائيلية على لبنان"، واضح ان القيادة الفلسطينية الحالية هي نفس القيادة التي قاومت في لبنان، واستشهد عددا من خيرة ابطالها، وأضاف ان الانتفاضة الأولى هي من أكبر نجاحات المقاومة الفلسطينية على الإطلاق، ودعا لدراسة هذا النموذج بعمق كما ذكر ان الكتاب تناول أداء القيادة الفلسطينية في فترات مختلفة من التاريخ الفلسطيني، موضحا سلبيات وايجابيات هذه القيادة، وخيارات القيادة كانت صعبة وموجعة في معظم الأحيان، من ناحية أخرى اعتبر ان الوضع الفلسطيني على المستوى الدولي قد تحسن مؤخرا، حيث أصبح لدينا أنصار في جميع انحاء العالم، وان مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني نشطة على الساحة الدولية، وحققت نجاحات على مستوى العالم.
وتطرقت الدكتورة حبيب الله الى التحديات التي تحيط بالهوية الفلسطينية والمراحل التي مرت بها ابتداء من النكبة ، هزيمة حزيران 1967، وانطلاقة الثورة الفلسطينية وصولا الى الانقسام الفلسطيني الحالي بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، تعليقاً على ذلك أكد الخالدي أن الانفصال بين الضفة والقطاع ، والداخل والخارج هي من أكبر العوامل التي تؤثر سلباً على الهوية الفلسطينية، إلا ان التواصل اليومي والعلاقات الوطيدة بين افراد الشعب الفلسطيني في جميع انحاء العالم والتحامهم نحو كل ما هو فلسطيني، وردة الفعل الإسرائيلية اتجاه كل المحاولات الفلسطينية للحفاظ على هذه الهوية هو إثبات انها ما زالت قوية وتزداد تبلوراً.
واكد أن هناك شعوباً أبيدت بالكامل كالهنود الحمر في أمريكا الشمالية، لكن من الصعب أن يحدث ذلك للشعب الفلسطيني في وقت أصبح الاستعمار الاستيطاني غير مقبول وغير شرعي، ومقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الاستعماري الإسرائيلي اصبحت تضمنها الشرائع والقوانين الدولية، لهذا فهو يعتقد إن إسرائيل لن تنجح في أبادتنا واقتلاعنا من ارضنا.
وشبه حالتنا بحالة الشعب الجزائري والشعب الأيرلندي، وغيرها من الشعوب التي واجهت الاستعمار وصمدت وتحررت في النهاية، واوضح أن إدوارد سعيد كان تكلم عن هيمنة ثقافية للصهيونية، وأن هذه الهيمنة في مجال العلم والمجال الأكاديمي على وشك الانتهاء، خاصة وأن الرواية الصهيونية التي احتلت العالم على مدى مئة عام لم يعد تصديقها سهلا كما في الماضي، سواء على المستوى الأكاديمي او في أوساط الشباب في المجتمع الأمريكي، واكد ان الحضور الفلسطيني الثقافي والأكاديمي قوي جداً مما سمح بحضور الرواية الفلسطينية وأصبحت معروفة بطريقة لا مثيل لها بتاريخ المئة عام من الحرب على فلسطين.
تميزت هذه الندوة بمشاركة واسعة وفاعلة من طلبة برنامجي ماجستير حل الصراع، والأدب والتواصل الثقافي في الجامعة، بالإضافة الى مشاركة أكاديميين من جامعات مختلفة منها جامعة الخليل، والجامعة الإسلامية بقطاع غزة، تفاعل الحضور بشدة مع الضيف موجهين له العديد من الأسئلة حول الكتاب وحول الوضع الفلسطيني بشكل عام.
في ختام اللقاء شكرت الدكتورة حبيب الله نيابة عن مجلس إدارة مركز السياسات ودراسات حل الصراع الضيف، وأعربت عن سعادتها بهذا الحوار الغني والقيم ودعت البروفسور الخالدي لزيارة الجامعة في أقرب فرصة متاحة، من جانبه أعرب الخالدي عن سعادته بالمشاركة، كما شكر مركز السياسات ودراسات حل الصراع في الجامعة لترتيبه هذا اللقاء، الذي جمع أكاديمين وطلبة من مناطق مختلفة من فلسطين.